JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

Startseite

"السلاويين كيحماقو بعد صلاة العصر".. أسطورة شعبية أم حقيقة تاريخية؟

 



في الثقافة الشعبية المغربية، تنتشر أمثال وعبارات تلخص عادات المدن وسلوك سكانها، ومن بين أكثرها إثارة للجدل مقولة "السلاويين كيحماقو بعد صلاة العصر"، يُرددها البعض عند الحديث عن أهل مدينة سلا بطابع فكاهي، مشيرين إلى تغير سلوكهم بعد الظهيرة، لكن ما أصل هذه المقولة؟ وهل لها جذور تاريخية أم أنها مجرد نكتة شعبية لا أكثر؟

حقيقة تاريخية: إغلاق أبواب المدينة عند الغروب

لفهم هذا المثل، يجب الرجوع إلى التاريخ القديم لمدينة سلا، التي كانت تُعرف بأسوارها العالية وأبوابها الضخمة، حيث كانت هذه الأبواب تُغلق يوميًا بعد صلاة العصر، في إجراء أمني لحماية المدينة من الغزاة أو اللصوص، خصوصًا أن سلا كانت مدينة ساحلية عرضة لهجمات القراصنة أو الأعداء.

هذا الإجراء جعل سكان سلا في الماضي يتسابقون للدخول إلى المدينة قبل إغلاق الأبواب، حيث كان من يتأخر عن العودة يُضطر للمبيت خارج الأسوار، وهو ما كان يعد أمرًا خطيرًا في ذلك الوقت، ومع اقتراب موعد الإغلاق، كانت شوارع المدينة تمتلئ بالناس الراكضين والمتسابقين للعودة إلى بيوتهم، مما خلق مشهدا عامًا من الاضطراب والحركة السريعة، وكأن الجميع أصابهم نوع من "الجنون المؤقت".

ومع مرور الزمن، تحول هذا المشهد إلى جزء من التراث الشفهي، وأصبح يقال ساخرًا "السلاويين كيحماقو بعد العصر"، في إشارة إلى هذه العادة القديمة التي اختفت اليوم مع اختفاء العمل بنظام إغلاق الأبواب.

المقولة بين التفسير الاجتماعي والسلوك العصري

حتى بعد انتهاء تقليد إغلاق الأبواب، ظل هذا المثل متداولًا في الثقافة الشعبية، لكنه أخذ أبعادًا جديدة مرتبطة بعادات سكان المدينة:

إيقاع الحياة بين الجدية والاسترخاء:
يُقال إن سكان سلا يتميزون بنوع من الجدية في الصباح، خاصة التجار والعمال الذين ينشغلون بأعمالهم، لكن بعد العصر، ومع انتهاء العمل، يصبح الجو أكثر حيوية وحركة، حيث يخرج الناس إلى الأسواق والمقاهي، ويبدأ الأطفال في اللعب في الأزقة، ما يعطي انطباعًا بأن "المدينة تغيرت فجأة".

المزاج السلاوي الحاد:
من المعروف عن أهل سلا طابعهم الحاد أحيانًا، لكنهم في نفس الوقت معروفون بحبهم للفكاهة والتسلية. البعض يرى أن هذا المثل يعكس التناقض بين الهدوء والجدية صباحًا، والمزاح والمرح بعد العصر.

علاقة سلا بالرباط:
بحكم قربها من العاصمة الرباط، ارتبطت سلا دائمًا بروح التنافس مع جارتها، حيث أن الرباطيين أحيانًا يستخدمون هذا المثل بطريقة ساخرة للدلالة على الاختلاف بين المزاج السلاوي والرباطي، رغم أن المدينتين أصبحتا الآن مترابطتين بشكل كبير.

المقولة في الثقافة الشعبية والفنون

لم يبقَ هذا المثل مجرد عبارة تتداول في الشارع، بل وجد طريقه إلى الفنون والمسرحيات الفكاهية، حيث يُستخدم كمادة للنكات حول السلاويين في البرامج التلفزيونية والمواقف الساخرة. كما أنه أصبح شائعًا في مباريات كرة القدم، خاصة عندما تكون الفرق السلاوية تلعب بطريقة غير متوقعة بعد الشوط الأول.

هل المقولة ما زالت صالحة اليوم؟

مع اختفاء نظام إغلاق الأبواب، تغيرت حياة سكان سلا بشكل كبير، وأصبحت المدينة أكثر اندماجًا مع الرباط، حيث لم تعد هناك تلك الحاجة للعودة قبل الغروب، ومع ذلك، لا يزال المثل حاضرًا، لكنه أصبح يستخدم بمعنى مجازي أكثر من كونه وصفًا حقيقيًا، خصوصًا عند الحديث عن عادات السكان أو إيقاع الحياة في المدينة.

سواء كان المثل يعكس حقيقة تاريخية أو مجرد صورة نمطية ساخرة، فإنه يظل جزءًا من الذاكرة الشعبية المغربية. فكما يقال، "لا دخان بلا نار"، وربما يكون وراء هذه المقولة شيء من الواقع الذي تحول عبر الزمن إلى طرفة اجتماعية لا تُفارق حديث المغاربة عن سلا وأهلها.

ورغم أن السلاويين لم يعودوا يركضون نحو الأبواب المغلقة، إلا أن المثل يظل شاهدًا على التفاعل الفريد بين التاريخ والتراث والفكاهة، وهو ما يميز الثقافة المغربية عن غيرها. 😊

 

NameE-MailNachricht