JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

Startseite

فوق فيكيك.. حين يصبح البعد رمزا للراحة والطمأنينة



في القاموس الشعبي المغربي، تشتهر بعض الأمثال بتعبيراتها الفريدة التي تحمل معاني أعمق مما يبدو للوهلة الأولى. ومن بين هذه الأمثال التي يستخدمها المغاربة بكثرة نجد مقولة "فوق فيكيك"، التي تُقال غالبًا عندما يُسأل شخص عن حاله، فيجيب: "أنا فوق فيكيك"، بمعنى أنه بخير، بعيد عن المشاكل، ومستمتع بحياته في هدوء تام.

لكن كيف تحولت مدينة فيكيك، المعروفة ببعدها الجغرافي، إلى رمز لراحة البال والسكينة في الثقافة الشعبية المغربية؟

فيكيك.. الواحة الهادئة في قلب الصحراء

تقع مدينة فيكيك في أقصى شرق المغرب، بالقرب من الحدود الجزائرية، وهي واحدة من أقدم الواحات الصحراوية في البلاد. تتميز هذه المنطقة بطبيعتها الهادئة، حيث تنتشر الواحات الخضراء، وأشجار النخيل، والقصور القديمة، مما يجعلها مكانًا مثالياً لمن يبحث عن عزلة إيجابية وراحة نفسية، وربما لهذا السبب، ارتبط اسم "فيكيك" في المخيلة الشعبية المغربية بفكرة البعد عن الضوضاء والمشاكل اليومية، حتى باتت تُستخدم مجازيًا للإشارة إلى شخص يعيش في هدوء، بعيدًا عن ضغوط الحياة.

"أنا فوق فيكيك".. حين يصبح البعد نعمة

على عكس بعض الأمثال التي تستخدم لوصف المعاناة أو العزلة، فإن مقولة "فوق فيكيك" تحمل دلالة إيجابية، فهي تعبر عن الراحة والاطمئنان والابتعاد عن الهموم.

عند سؤال شخص عن حاله:

"كيف داير؟"
"
أنا فوق فيكيك، الحمد لله!"
أي أنني في حالة جيدة، لا مشاكل ولا ضغوط.

عند وصف شخص غير مهتم بالمشاكل اليومية:

"فلان ما كيهضرش على السياسة، راه عايش فوق فيكيك!"
بمعنى أنه يعيش بسلام بعيدًا عن النقاشات الحادة والمشاكل العامة.

في سياق العمل وضغوط الحياة:

"دابا خديت الكونجي، مشيت للبلاد، وأنا فوق فيكيك!"
بمعنى أنه في عطلة بعيدًا عن ضغوط العمل والروتين اليومي.

البعد كفلسفة حياة

يبدو أن هذا المثل يعكس فكرة أن الراحة أحيانًا لا تكون في كثرة الانشغال، بل في التخفف من الالتزامات والابتعاد عن مصادر التوتر، وهو تعبير عن ميل المغاربة إلى البحث عن مساحات هادئة وسط ضوضاء الحياة، سواء كان ذلك بالسفر إلى أماكن بعيدة، أو بتبني أسلوب حياة بسيط بعيدًا عن الصراعات.

وفي مجتمع أصبح فيه الضغط اليومي والقلق من المستقبل أمرًا شائعًا، أصبحت عبارة "أنا فوق فيكيك" أشبه بشعار للحياة المتزنة، حيث يسعى الفرد إلى الحفاظ على راحته النفسية وعدم الانخراط في التوترات غير الضرورية.

المثل المغربي "فوق فيكيك" ليس مجرد تعبير عن المكان، بل هو فلسفة حياة تعبّر عن فكرة أن البعد عن المشاكل قد يكون أحيانًا الحل الأمثل للحفاظ على السكينة والطمأنينة، فهو يعكس روح المغاربة الذين يبحثون دائمًا عن متنفس للهروب من ضغوط الحياة، سواء كان ذلك في واحة فيكيك نفسها، أو في أي مكان آخر يضمن لهم القليل من الهدوء والسلام الداخلي.

فهل أنت أيضًا فوق فيكيك؟ 😉


NameE-MailNachricht